فســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة

من طرف **Admin** السبت فبراير 21, 2009 7:23 am

آلو أبو راشد
- نعم
- معك هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
- سم وش بغيتو
- بغيناك تجينا ضروري جدا
- وش عندكم أنا مشغول
- ضروري تمر علينا الآن .. ابنتك عنود عندنا
لحظة صمت قاتل
- أي فرع
- فرع العليا
في الطريق آلاف الخواطر تأكل قلب أبي راشد .. وش يبون هالمطاوعة الملاعين ! والله انهم واقعين على مصية وإلا ما يدقون علي ... الله يستر من تواليها ..
دخل إلى مقر الهيئة وسأل عن المدير ثم دخل عليه ..
- أنا أبو راشد
- حياك الله أخي أبو راشد ، الموضوع باختصار على حساسيته : بنتك مسكناها مع شاب في خلوة غير شرعية وفي حالة غير لائقة أخلاقيا .. ولما تكلمنا معها لم تبد أسفا وقالت هذا شي أفعله وأنا حرة به ..
حاولنا أن نبين لها عظم فعلها ولكنها لم تتفاعل مع نصيحتنا وكانت آخر كلماتها : يستاهل أبوي ...! فما أدري ماذا كانت تقصد بكلامها هذا ؟ هل توضح لنا ؟
- معقولة بنتي تفعل هذا الأمر
- هذا ما حصل والمحضر موجود وقد بصمت عليه وكذلك الشاب ..!
- ولكنها بنت حيية لا يظهر عليها ما يدل على مثل هذه الأمور..
- ليس كل ساكت بين يدينا قد سكت حياء .. للسكوت والانعزال دوافع أخرى ، قد يكون الكره الدفين أحدها وهذا ما لمسته من كلام ابنتك ولا مؤاخذة ..!
- ماذا تعني ؟
- أعني أن ابنتك تشعر نحوك بمشاعر عدوانية ويبدو لي أنها في ذاكرتها منذ أن كانت صغيرة .. فهل هناك ما فعلته نحوها في حال صغرها ..!
- لا أذكر شيئا تعمدته ؟
-عموما سآتي بها وتكلم معها ..؟
- إلا أبي أذبحها وأشرب من دمها ..!
- إن كنت ستتصرف بهذه الطريقة فسأحيل القضية للشرطة وستأخذ بعدا آخر قد يصمك بالعار ما حييت ، دعنا نعرف ما عندها .. خاصة وأن المحرم الكبير لم يقع فنستطيع معالجتها وتكسير أصنامها العاكفة حولها في عزلة مريرة ..!
- كيف لي أن أضبط نفسي وأن أكفكف لهبها الحارق ..أنا رجل عربي شريف لا يرتضي الدنية لنفسه ويأبى أن تمس كرامته ولسفك دمه أهون عنده في مقياس العدل من منعه من شرب دم بنته ..!
- لست ألومك على غضبك ، ولكن لا بد من معرفة أسباب وقوعها في هذا الدرك المخزي حتى نتمكن من معالجتها فقد تكون أنت السبب الأول والأخير في هذه الجنحة ..إني أطالبك بضبط أعصابك إن أحببت أن تنتهي هذه القضية على خير ..
- حسن سأحاول .. دعها تدخل هذه الملعونة الآثمة ..
ضغط مدير الفرع على جهاز تنبيه صغير فدخل أحد الموظفين فقال له : أدخلوا الفتاة ..
مضت دقيقة ثم دخلت الفتاة بأنفة وكبرياء منتصبة القامة تبرق عيناها بسرور خفي عندما رأت أباها في ذل وخنوع تلوح في عيناه دبابيس الدموع .. جلست دون أن تستأذن ودون أن تدعى للجلوس ...
قال مدير الفرع : هذا أبوك يا عنود وقد شرحت له الحال ، وهو متأثر بما عملت ويرى أنك كافأت عمره المنصرم بتربيتك وتأديبك بالجحود ..
قال أبو راشد : كم أتمنى أن ينزل بك عذاب الله الآن فيأخذك واستريح ..!
قالت عنود وهي تضحك : أحقا تريد أن ينزل بي العذاب .. لقد كنت أنت أحق به مني .. فالذي يفرط في ابنته ويمتهن كرامتها لا يجازى إلا بمثل ما ترى ...
قال مدير الفرع : عيب عليك يا عنود فهذا أبوك ومهما فعل فيبقى أبوك الذي أمرك ربك بطاعته ومصاحبته في هذه الدنيا حسنة ..
قالت : أنت لا تعلم شيئا يا شيخ ولهذا تتكلم وأنت بارد الأعصاب .. إن أبي هذا هو أكبر خطأ في تاريخي ولولا أن أكفر بالله العظيم لقلت بأن أبوته غلط في تاريخ الإنسانية ..!
قال الأب : اسكتي أيتها الملعونة الخبيثة .. أهذا جزاء تربيتي ..
قالت عنود : تربية أي تربية هذه التي تقول .. يا شيخ أتريد أن تعرف سبب وقوعي في الغزل وحب الرجال ، لم يكن والله عن خبث يجري في دمي ولقد حافظت على فروضي التي افترضها الله علي ولم أفرط في حقه شيئا ولكنني كنت فتاة تحس بالنقص لا لشيء إلا لأنها بنت في مجتمع يحب الرجال ويصفح عن ذنب الرجال ويقدس الرجال .. ولما ولدتني أمي لم يطق أبي أن يراها فهجرها سنتين حتى توسط بعض أعمامي وأخوالي ... ولم يجرؤ أحد على تسميتي حتى سماني هو ، أتريد أن تعرف اسمي الأول يا شيخ ؟
- نعم
- لقد كان اسمي الأول ( فسوة ) وكأنني في نظري أبي ريح خبيث تريد أن تلوث عرضه وكرامته بوجودها وكأنني مرض سوف يستأصل تاريخ قبيلته الخالد بالرجال الشجعان ...( فسوة ) هي مكافأة الله على ما وهبه ...! ولقد مضت بي السنون والناس من حولي يكبرون وأنا ألتف على نفسي كحشرة تختنق بشرنقتها فبقيت صغيرة جدا في معاني البشرية كأنني إنسان بدائي لا يعي حقيقته .. ودخلت المدرسة الابتدائية وكانت مديرة المدرسة امرأة حضرية تهزأ بالبدو وتسخر منهم فاتخذتني أداتها الذابحة تعيرني وتعير بي حتى سئمت حياتي ولما أخبرت أمي بما يحدث قالت لا تهتمين بها هذه امرأة وضيعة تريد أن تلفت انتباهك ولما دخلت المتوسطة رفضت المديرة استقبالي وكانت امرأة متدينة حتى يغير اسمي وما زالت في صراع وجدال مع أهلي حتى استطاعت أن تغير اسمي فسماني أبي عنود للعناد الذي حصل بسببي ورده مدحورا ..
كبرت ودخلت الجامعة ولكني بقيت صغيرة وضيعة أنظر في داخلي فلا أبصر شيئا ذا بال .. أحس بأني عار على نفسي وبأني لا يجب أن أعيش .. تعرفت على بنات كل واحدة منهن لها مع الحب والتجارب تاريخ طويل .. اشترين لي جوالا على حسابهن أو على حساب أحد الأصدقاء .. وأعطين رقمي واحدا ممن يجيد الكلام المعسول .. وكشف لي بكلامه عن أراض بكر في نفسي وتاريخي وحقيقتي لم أعرف عنها وعلمت أن المرأة هي أثمن شيء في الوجود إذا عرفت كيف تلعب دورها في الحياة .. واتضحت لي الصورة كاملة وأن أبي احتقرني مرة وخدعني مرات كثيرة .. وحبسني في تابوته القبلي الجاهلي .. فأردت أن أرجع حياتي الذاهبة وأن أعيد بناء نفسي من جديد .. ولكني علمت أنني لن أستطيع أن أتقدم خطوة واحدة حتى أكسر الصنم الذي يعبده خوفي ألا وهو أبي فلم أجد أفضل من أن أهينه وأن أضع رأسه في التراب وأن أحقق له أكمل معاني ( فسوة ) في حياته وأن يكون بقية عمره لا يشم من المعاني إلا ما قارب معاني اسمي فإذا حققت ذلك فإني قادرة على أن أعيد لنفسي بعض حقوقها ... وهذا أنا الان بين يديك يا شيخ بعد أن وضعت خطتي كاملة ...!
صمت مطبق وكلمات تموت على الشفاه فتقوم غيرها متحاملة على وجعها ولكنها سرعان ما تسقط على الشفاه صريعة حتى خرج بعضها مهشما مغتصبا :
- ولكن أنت بذلك تضيعين نفسك وشرفك ولن تكون لك حياة بعدهما ..!
- أما نفسي فهي ضائعة وأما شرفي فلا معنى له بدون حقيقتي وإنسانيتي ..!
كان الأب منهكا متعبا قد أحاطت به كلمات ابنته وحاصرته في بوتقة تحرق معانيه فكبر في ساعته هذه سنوات فتغضنت جبهته وزاغت عيناه وتكوم على نفسه كثوب مكور ألقي على الأرض .. تحركت شفتاه فقال : أنا لم أقصد الإساءة لك يا ابنتي ولكنني ابن بيئتي القاحلة تلك التي ملأتني بمعاني التراب تكبرا وعزة وأنفة وعلمتني أن في الرجل معنى لا يكمله إلا احتقار المرأة لكونها امرأة ..! وردة فعلك هذه نوع من ذلك الدم الجاري في عروقنا المليء بالعجرفة والجهل ..!
قال مدير الفرع :
- اسمع يا أبا راشد : القضية سأتلفها ولن يبقى لها أثر ولن تصل إلى يد أحد بعدي ، ولكنني أحب أن تراجع نفسك وتغير من معاملتك لبناتك لأنهن شرفك وعرضك وهن أولى من الأبناء بالعطف والحب والشفقة والأجر العظيم مترتب على تعليمهن وتربيتهن وسترهن لا التفريط في حقوقهن واحتقارهن مما يولد عندهن نقصا لا يكمله إلا الشيطان بمخازيه .. فما رأيك ؟
- ما تراه يا شيخ ! صحيح أنا أخطأت في حقها ولكنني كنت نتيجة حتمية لمعادلة باطلة ..!
- وأنت يا عنود ما رأيك ؟
- أنا حققت ذاتي يا شيخ وعندي استعداد الآن أن أبدأ من جديد صفحة بيضاء تزغرد لمعاني الصحيحة ..!
خرجت عنود مع أبيها وفي رأسها بدأ شريط الماضي يحترق ليقف عند صورة بعيدة سحيقة وأبوها يضربها برجله ويده ويشتمها لأنها لبست ثوب أخيها وأخذت تلعب به ..!

مشكور أخوي على هذي القصه والله يستر علينا ويحمينا يا رب
يسلمو على القصه الحلوه

فســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة

فســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة

رد: فســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوة